كركوك: يعتبر سوق كركوك للذهب المسمى "السوق العصري" واحدا من أكبر الأسواق التجارية المتخصصة ببيع وشراء الذهب الخالص، العراقي منه والمستورد.ويؤكد الصاغة في السوق ازدياد الطلب على الذهب، وخاصة على نوعين منه، يطلق عليهما "أليسا ونانسي عجرم"، ونوع آخر يطلق عليه "لازوردي"، وهو الذهب الذي يحمل علامة الصناعة الإماراتية، ويدخل في منافسة شديدة مع الذهب المصنوع بأيد عراقية ماهرة لها خبرة عشرات السنين، وزامنت حداثة العصر في العراق الآن.
ويقول محمد رشيد، أحد أصحاب المحال التجارية في سوق الذهب في حديث لـ"نيوزماتيك" إن "سوق الذهب في كركوك يعد مركزا تجاريا مهما للبيع والشراء والتعاملات التجارية المهمة، والمرتبطة بصناعة وصياغة وبيع الذهب، الذي بدأ يلقى طلبا متزايدا من قبل النساء والفتيات الباحثات عن الحلي الذهبية".
ويضيف رشيد أن "سعر بيع مثقال الذهب من عيار 21 قيراطا يبلغ 145 ألف دينار للذهب العراقي، و150 ألف دينار للذهب الإماراتي،فيما يبلغ سعر مثقال الذهب من عيار 24 قيراطا 155ألف دينار عراقي"، إلا أنه يشير إلى ان "الرغبة من قبل المتبضعين تزداد على العيار 21، وهو الأكثر شيوعا في سوق الذهب في كركوك".
ملتقى طرق الذهب
ويستطرد صاحب محل الذهب في حديثه عن مصادر جلب المعدن النفيس إلى سوق الصياغة في كركوك ويقول" هناك طريقان لوصول الذهب، ومن مختلف المناشئ العالمية، إلى العراق، طريق جوي متصل من دبي إلى بغداد ثم إلى كركوك، وطريق ثان يصل من أنقرة في تركيا إلى مدينة أربيل ومن ثم يقوم مجهزه ووكيل التوزيع بإيصال البضاعة إلى أصحاب المتاجر في سوق كركوك".
ويؤكد محمد رشيد أن "سوق كركوك يعتبر مركز تجاريا مهما، كونه يعد حلقة وصل بين مدن إقليم كردستان العراق والعاصمة بغداد وكذلك مدن الوسط، حيث يوجد لدينا زبائن من عموم تلك المحافظات".
أليسا ونانسي عجرم
يقول بختيار جبار، وهو صاحب متجر لبيع أنواع مختلفة من الحلي الذهبية لـ"نيوزماتيك"، إن "هناك أنواعا مختلفة من الحلي الذهبية في محال الصياغة، ولكن أكثر الطلب الآن
على موديلات تطلق عليها أسماء، أليسا، ونانسي عجرم، كونها موديلات حديثة، ومصدرها دولة الإمارات".
ويضيف جبار ان "أسعار العقود الذهبية التي تحمل أسماء الفنانتين أليسا ونانسي عجرم، تتراوح بين 750 ألف دينار ومليون دينار"، ويؤكد انه "على الرغم من ارتفاع أسعارها فهي تجد طلبا متزايدا من قبل النساء والفتيات"، ويشير إلى "وجود نوع آخر يسمى أللازوردي الإماراتي، وهو يلقى رواجا كبيرا بين الباحثين عن حداثة وتطورالموديلات في عالم الحلي الذهبية".
ويرى جبار ان "السبب وراء تزايد الطلب على الحلي الذهبية وخاصة الإماراتية، والتي تحمل أسماء الفنانات، هو تمييزها بالتصاميم الحديثة والمقتبسة عن ماركات عالمية، إلى جانب النقوش ودقة الحرفة والصياغة في التعامل مع تلك القطع الذهبية، ونقاوتها العالية".
أذواق حسب الأعمار
ويستطرد صاحب متجر بيع الحلي في سوق كركوك "الذهب الإماراتي ينافس الذهب العراقي من حيث الجودة والنقاوة، ولكن النساء الكبيرات في العمر يطلبن الذهب العراقي، وخاصة الأساور والحجل، وهو قطعة ذهبية مدورة تلبس في رجل المرأة، والحزام الذهبي، وهذه القطع من صناعة أيد عراقية، وتتراوح أسعارها بين مليون دينار وثلاثة ملايين دينار عراقي".
ويقول" ارتفاع القدرة الشرائية لدى المواطن العراقي وضعه أمام خيار طلب النساء من أزواجهن شراء الحلي الذهبية، وتزرونا يوميا نماذج كثيرة من العوائل، ونلاحظ طلب الزوجة من الزوج شراء الذهب لها، وحين تسأل لماذا هذا الإقبال على شراء الذهب؟ تقول، إن الذهب زينه وخزينة، وهذا مثل شائع لدى العراقيين، أي الذهب لزينة النساء، وحين يحتاج الرجل ويمر بأزمة وضائقة مالية تقوم الزوجة باستخراج جزء من الحلي وبيعها، لحل أزمة زوجها".
جزء من شخصية المرأة
وتقول السيدة العراقية هناء إسماعيل في حديث لـ"نيوزماتيك" بأن" الذهب جزء من شخصية المرأة الاجتماعية"، وتضيف أن "أغلب الفتيات حين يتزوجن يطلبن مهورا عالية من الذهب، تصل قيمتها إلى خمسة ملايين دينار".
وتضيف إسماعيل "إحدى زميلاتي طالبت بمهر من الذهب وصل إلى 15 مليون دينار، والسبب معروف، هو أن اغلب النساء يتخوفن من الرجال، وحين تطلب الفتاة مهرا عاليا وكمية من الذهب، تعتقد أنها سوف تربط به الخطيب المتقدم، هذا من جانب، ومن جانب آخر تتفاخر النساء بين بعضهن في الاحتفالات والإعراس بالذهب والمصوغات الأخرى، وكذلك تدخر المرأة الذهب لمصاعب الأيام".
لكن الآنسة إسراء محمد، 21 سنة، ترى أن "السبب الرئيسي لزيادة الطلب على الذهب الذي يحمل أسماء الفنانات العربيات مثل نانسي عجرم، وأليسا، وتتباهى به الفتيات وخاصة الطالبات الجامعيات والموظفات، هو التنافس بينهن".
ولا تخفي محمد أنها اشترت طقم نانسي عجرم، وتقول إنه "موديل حديث في السوق وتصميمه فائق الجمال والروعة لذا نقوم بشرائه من صاغه الذهب".
أما الباحث والأكاديمي الاقتصادي، نوفل عبد الرحمن، فيقول إن "معدل دخل الأفراد يختلف حسب الطبقة، ولكن عموم طبقة الموظفين دخلهم الشهري بحدود 800 الف دينار يقابله سعر مثقال من الذهب بحدود 145الى 153الف دينار يستيطع الفرد من خلالها شراء جزء من الحلي الذهبية، وادخار الباقي من الدخل لقضاء الحاجات الأخرى".
ويشير عبد الرحمن إلى أن "معدل دخل الفرد لدى عموم العراقيين ارتفع بعد قيام الحكومة بإصلاحات مهمة في القطاع الاقتصادي التي ساهمت بشكل كبير في ذلك"، ويبين عبد الرحمن أنه "قبل سنة 2003 كان معدل دخل الموظف الحكومي يصل إلى ثلاثة دولارات شهريا، ما يعادل ثلاث آلاف دينار عراقي، لكن الآن أقل مرتب شهري يصل إلى 300 ألف دينار، أي بحدود 270 دولارا شهريا، وهناك دخول تزيد عن 500 دولار شهريا، وكل هذا يساهم في زيادة الطلب على شراء الحلي والمصوغات الذهبية من قبل الفتيات والنساء، وكذلك الرجال".